رئيس جمعيّة “نحن نغير” هذا ما فعلته بلدية الرّوحية حين طلبت النّفاذ إلى المعلومة
أفاد رئيس جمعيّة “نحن نغير” في تصريح للجمعية التونسية للحوكمة الجبائية أنّه توجه إلى بلدية الروحية يوم 20 أكتوبر 2021 طالبا النفاذ إلى عدد من المعلومات التي تهم المشاريع المنجزة والميزانية والمداخيل البلدية. إلا أنّ رئيس البلدية رفض ذلك. كما أنّ الموظفة بمكتب الضبط التي تسلمت مطالب النفاذ رفضت بدورها تمكين الطالب من وصل استلام في الغرض.
وأضاف محدثنا أنّه نظرا إلى “هذا الخرق القانوني والدستوري” وبناء على ما أقدمت عليه الموظفة استدعى عدل تنفيذ ليعاين هذه “التجاوزات”. وقد تم تدوينها بمحضر معاينة بتاريخ 20 أكتوبر 2021. ويتضمن إقرارا برفض موظفة مكتب الضبط قبول عدد 16 من مطالب النفاذ إلى المعلومة مثلما هو مبين بنص المعاينة المرفق بهذا المقال.
ومن المعلوم أنّ البلدية وباعتبارها هيكلا مطالبا بتطبيق قانون حق النفاذ إلى المعلومة واجب عليها النشر التلقائي للمعلومات المحددة بالفصل 6 حتى يتمكن طالبها من الوصول إليها بسهولة ولتسريع عملية النفاذ. إلا أنّ بلدية الروحية لم تكتف بعدم النشر التلقائي بل تجاوزت ذلك إلى رفض تقديم المعلومة لطالبها.
وزاد محدثنا يقول : إنّ هذا التجاوز الدستوري والقانوني الذي أقدمت عليه بلدية الروحية يعد من أخطر الخروقات التي يعاقب عليها القانون عدد 22 لسنة 2016 المتعلق بالحق في النفاذ إلى المعلومة. إذ ينص الفصل29 من القانون عدد 22 : يمكن لطالب النفاذ عند رفضه القرار المتخذ بخصوص مطلبه، التظلّم لدى رئيس الهيكل المعني في أجل أقصاه العشرين (20) يوما التي تلي الإعلام بالقرار. ويتعيّن على رئيس الهيكل الردّ في أقرب الآجال الممكنة على أن لا يتجاوز ذلك أجلا أقصاه عشرة (10) أيام من تاريخ إيداع مطلب التظلّم.
ويعتبر عدم رد رئيس الهيكل المعنيّ خلال هذا الأجل، رفضا ضمنيّا.إلا أنه في وضعية الحال والتي نجد فيها رفضا قاطعا حتى لقبول المطلب شكلا, فان لرئيس الجمعية وفقا للفقرة الثانية للفصل 29 التوجه بالاعتراض على رفض مطلبه الى هيئة النفاذ الى المعلومة مباشرة. وهو ما يفرضه كذلك الفصل 30 الذي ينص على أنه في صورة رفض الهيكل المعني مطلب التظلم فانه للطالب التوجه الى هيئة النفاذ الى المعلومة.
وقد كان هذا الاجراء القانوني الخطوة الثانية التي اتبعها رئيس الجمعية حيث توجه بالطعن لدى هيئة النفاذ الى المعلومة والتي بدورها بصدد النظر فيه.
غياب نشر ثقافة النفاذ الى المعلومة
إن ما قامت به بلدية الروحية من خرق واضح للقانون لا يمثل حالة شاذة في تطبيق حق النفاذ إلى المعلومة. ذلك أن عديد البلديات تسير على المنوال نفسه وتقف حاجزا أمام طالب المعلومة من جهة وتطبيق القانون من جهة أخرى .وهو ما نتبينه من خلال التقرير السنوي الذي أصدرته هيئة النفاذ إلى المعلومة لسنة 2020. فقد أكد أن عملية الاستجابة لمطالب النفاذ إلى المعلومة بالبلديات لم تتجاوز 8 بالمائة من جملة المطالب. وهي نسبة ضئيلة جدا مقارنة بعدد المطالب الواردة. وتعكس هذه النسبة ضعف تواصل البلديات مع المواطن والمجتمع المدني عموما وعجزها عن ترسيخ ثقافة النفاذ إلى المعلومة ونشر وتشجيع المواطن على الوصول إليها. كما تبرهن هذه النسبة على تجذر ثقافة البيروقراطية في البلديات على الرغم من أن أهم هدف للجماعات المحلية تسهيل عمل المواطن وتعزيز اللامركزية.
وللتذكير فقد أقر الفصل 32 من دستور جانفي 2014 أن الدولة تضمن الحق في الإعلام والحق في النفاذ إلى المعلومة. أي أنه من حق كل مواطن تونسي أو جمعية أو هيئة أو منظمة الولوج إلى معلومات أو وثائق واردة بالهياكل العمومية للدولة. وقد نظم المشرع هذا الحق صلب القانون عدد 22 لسنة 2016 والمتعلق بالحق في النفاذ إلى المعلومة.
وقد أوكلت هذه المهمة وفقا للقانون إلى هياكل خاصة ترتكز في كل مرفق عمومي ويسمى هيكل النفاذ إلى المعلومة. وقد نظم الباب السادس المعنون بــــ: ” في المكلف بالنفاذ إلى المعلومة ” عمل هذا الهيكل . ولعل من أهم الأدوار التي يلعبها هذا المكلف هي تلقي مطالب النفاذ وهو الدور الذي لم تلعبه موظفة بلدية الروحية و رئيسها في تجاوز واضح لما جاء بالقانون عدد 22 لسنة من جهة و قانون الجماعات المحلية التي فرض حق النفاذ إلى المعلومة في الفصل 76 : إذ ينص على ” تضمن الجماعات المحلية النفاذ إلى المعلومة وتلتزم بنشر كلّ الوثائق المتعلقة بتسيير المرافق العامة حسب التشريع الجاري به العمل.”من جهة أخرى.
محمد السلامي
مستشار جبائي