صدر بالرّائد الرّسمي للجمهوريّة التّونسيّة عدد 58 بتاريخ 9 جويلية 2021 قرار وزير الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار ووزير الشّؤون المحليّة والبيئة يتعلّق بضبط مقاييس جديدة لتوزيع مبالغ الدّعم المالي السّنوي من ميزانيّة الدّولة بين الجماعات المحليّة. ويتضمّن هذا القرار تنقيحا لقرار سابق لوزيري الماليّة والشّؤون المحليّة والبيئة مؤرخ في 22 جوان 2018 والمنقّح بدوره بالقرار المؤرّخ في 29 مارس 2019.
ويتعرّض هذا المقال إلى المسألة باعتبارها تهمّ موارد ميزانيّة الجماعات المحليّة. فيعرّف بالدّعم المالي السّنوي الذي تحوّله الدّولة من الميزانيّة لفائدة الجماعات المحليّة ومقاييس توزيعه .كما يتعرّض إلى ما طرأ على هذه المقاييس من مستجدّات أتى بها القرار المؤرّخ في 29 جوان2021.
I – التّحويلات الماليّة من ميزانيّة الدّولة إلى الجماعات المحليّة |
في إطار دعم الجماعات المحليّة وحثّها على القيام بدورها التّنموي تمّ إقرار تحويلات ماليّة سنوية من ميزانيّة الدّولة استنادا إلى مقاييس مضبوطة. ولهذا الغرض أحدث حساب خاصّ في الخزينة (صندوق) بمقتضى القانون عدد 36 لسنة 1975 المؤرّخ في 14 ماي 1975أطلق عليه اسم “المال المشترك للجماعات المحليّة”.
وتبعا للتّشريع الجاري به العمل في مادة الماليّة العموميّة (القانون الأساسي للميزانيّة) في ذلك التّاريخ فإن إحداث أي صندوق جديد يستوجب تخصيص موارد جبائية أو غير جبائية لتمويل تدخلاته. وبناء عليه تمّ التّنصيص على أنّ يموّل صندوق المال المشترك للجماعات المحليّة من مردود بعض الأداءات والمعاليم الرّاجعة لفائدة ميزانيّة الدّولة. ويوزّع المحصول بين الجماعات المحليّة (البلديّات والمجالس الجهويّة وهياكل أخرى) على أساس عدد السّكان ومداخيل المعاليم على العقارات المبنيّة. ويمكن رصد مدّخر المال المشترك لفائدة صندوق القروض ومساعدة الجماعات المحليّة.
وفي إطار التّدابير التي تمّ إقرارها في مجال الإصلاح الهيكلي للماليّة العموميّة سنة 1987، تمّ التّخلّي عن مصادر تمويل صندوق المال المشترك للجماعات المحليّة مع الإبقاء على مقاييس توزيعه وفق أحكام القانون عدد 36 لسنة 1975 المشار إليه أعلاه.
ولتحيين نسب التّوزيع تمّ تنقيح النّصّ المحدث للمال المشترك (قانون سنة 1975) في عديد المناسبات آخرها سنة 2006.1قانون عدد 109 لسنة 1985 المؤرخ في 31 ديسمبر 1985، قانون عدد 45 لسنة 1995 المؤرخ في 8 ماي 1995، قانون عدد 60 لسنة 2000 المؤرخ في 13 جوان 2000، قانون عدد 85 لسنة 2006 المؤرخ في 25 ديسمبر 2006
والجدير بالملاحظة هنا من خلال النصوص المتعلّقة بصندوق المال المشترك أنّ الانتفاع بهذه التّحويلات شمل علاوة على البلديات والمجالس الجهويّة هياكل أخرى مثل إقليم تونس وصندوق القروض ومساعدة الجماعات المحليّة والدّيوان الوطني للتّطهير والدّيوان الوطني للحماية المدنيّة في حين أنّ قانون 1975 المشار إليه أعلاه نصّ على تمويل لفائدة الجماعات المحليّة فحسب.
II – تأثير تعميم النّظام البلدي على عمليّة التّوزيع |
إنّ عمليّة التّغطية الشاملة للتّراب الوطني بالنّظام البلدي التي شهدتها البلاد سنة 2018 أي ما يعبّر عنه بتعميم النّظام البلدي تعتبر:
• استحقاقا دستوريّا إذ ينصّ الفصل 131 من دستور 2014 على أنّ الجماعات المحليّة “تتكوّن من بلديات وجهات وأقاليم، يغطّي كلّ صنف منها كامل تراب الجمهوريّة وفق تقسيم يضبطه القانون”.
• تفعيلا لمبدأ العدالة والمساواة بين المواطنات والمواطنين في الحقوق السّياسيّة والمدنيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة (شريحة هامّة من المواطنين كانت غير معنية بالنّظام البلدي ولا تستفيد من الحقوق والخدمات التي يوفّرها) .
• تجسيما لمبدأ التّمييز الإيجابي المنصوص عليه بالدّستور نظرا إلى أنّ الولايات ذات مؤشّرات التّنمية المنخفضة نسبيّا تتميّز بنسب تغطية متدنيّة للنّظام البلدي.
وقد أدّت عمليّة تعميم النّظام البلدي إلى ارتفاع عدد البلديات من 246 إلى 350 بلدية وذلك بإحداث بلديات جديدة و بإعادة النّظر في حدود بلديات قائمة الذّات. وتبعا لذلك أصبحت مقاييس توزيع المال المشترك بين البلديات والمجالس الجهويّة غير متلائمة مع الوضع الجديد باعتبار أنّ كلّ السّكان أصبحوا مشمولين بالنّظام البلدي، بما يتعذّر معه مواصلة توزيع منابات المجالس الجهويّة على أساس المقاييس الموجودة في ذلك التّاريخ.
ولتجاوز هذا الإشكال تمّ حذف الحساب الخاصّ في الخزينة “حساب المال المشترك للجماعات المحليّة” في إطار قانون المالية لسنة 2018.
كما تمّت ملاءمة مقاييس توزيع التّحويلات المذكورة مع الحاجيات الحقيقيّة للمجالس الجهويّة بعد استكمال تعميم النّظام البلدي، علاوة على التّنصيص على ضبط مقاييس التّوزيع بقرار مشترك بين الوزير المكلّف بالجماعات المحليّة والوزير المكلّف بالماليّة باعتباره يمثّل اعتمادا يدرج سنويّا بميزانيّة الدّولة.
III – جديد مجلّة الجماعات المحليّة |
تمّ تكريس مبدأ تمويل الجماعات المحليّة بموارد من ميزانيّة الدّولة بمقتضى مجلّة الجماعات المحليّة الصّادرة بالقانون الأساسي عدد 29 لسنة 2018 المؤرّخ في 9 ماي 2018. وبهدف تفعيل المبدأ المذكور وطبقا لأحكام القانون الأساسي للميزانية2الفصل 33 من القانون الأساسي للميزانية عدد 15 لسنة 2019 المؤرخ في 13 فيفري 2019.
تمّ اعتماد آليّة إحداث صندوق خاصّ في الخزينة لتلقّي هذه التّمويلات. وتمّ بالتّالي إحداث الصّندوق المذكور بمقتضى القانون عدد 46 لسنة 2020 المتعلّق بقانون الماليّة لسنة 2021 أطلق عليه “صندوق دعم اللاّمركزيّة والتّسوية والتّعديل والتّضامن بين الجماعات المحليّة”.
وقد نصّ القانون المذكور على أنّ موارد الصّندوق توزّع على أساس معايير موضوعيّة تأخذ بعين الاعتبار خاصّة عدد السّكان ونسبة البطالة والطّاقة الجبائيّة ومؤشّر التّنمية وطاقة التّداين والتي يتم ضبطها بأمر حكومي.3لم يصدر الامر المذكور الى حد الان
وفي انتظار صدور أمر حكومي في الغرض ولضمان استمراريّة التّحويلات من ميزانية الدّولة ارتأت الأطراف المعنيّة مواصلة العمل بالمقاييس الواردة بالقرار المؤرّخ في 22 جوان 2018 كما تمّ تنقيحه بالقرار المؤرّخ في 29 مارس 2019 مع إدخال بعض التّغييرات عليها وذلك بمقتضى قرار وزير الاقتصاد والماليّة ودعم الاستثمار ووزير الشّؤون المحليّة والبيئة المؤرّخ في 29 جوان 2021.
وتتمثّل أبرز التّغييرات في:
• التّرفيع بـ 1.5 % من موارد الصّندوق المخصّصة لتمويل نفقات التّصرّف مع التّخفيض بالنّسية نفسها في الموارد المخصّصة لتمويل نفقات التّنمية والحاجيات الخصوصيّة والطّارئة.
• التّرفيع بـ 1% في مناب البلديات من الموارد المخصّصة لتمويل نفقات التّصرّف. ويعدّ التّرفيع في نسبة الدّعم المخصّصة للبلديات لتمويل نفقات التّصرّف من تأثيرا تعميم النّظام البلدي المشار إليه سابقا.
• تعزيز مناب البلديات التي تمرّ بصعوبات ماليّة بعنوان منحة توازن بـ 2% على أساس عدد سكّان كلّ بلديّة.
• تكليف وزير الشؤون المحليّة والبيئة بضبط مقاييس توزيع مبلغ الدّعم المالي المخصّص للمجالس الجهويّة بواسطة مقرّر يصدره على أساس الحاجيات الضّروريّة من التّمويل بعنوان نفقات التّصرّف لكلّ مجلس جهوي دون تشريك وزير الماليّة.
• تحوير مقاييس توزيع مبلغ الدّعم المالي السّنوي بعنوان تمويل المناب المخصص لسلطة الإشراف المركزيّة لتغطية الحاجيات الخصوصيّة والطارئة للجماعات المحليّة والمؤسّسات العموميّة الخاضعة لإشرافها. (الرجاء إعادة بشكل أسهل)
كما تمّ بمقتضى القرار الصادر سنة 2021 التّرخيص لبلدية تونس والبلدياتومراكز الولايات في استغلال جانب من مبلغ الدّعم المالي السّنوي المخصص للاستثمار بهدف تمويل نفقات التّصرف وذلك بمقتضى مقرّر من وزير الشّؤون المحليّة والبيئة.
والملاحظ أنّ قرار سنة 2021 اقتصر على تغيير النّسب وكان من الأجدر مراجعة المنتفعين بالاقتصار على الجماعات المحليّة دون سواها. كما أنّ السّماح باستعمال المبالغ المخصّصة للتّنمية في مصاريف التّصرف لا يخدم دور البلديات التّنموي .
ويلخّص الجدول الموالي المقاييس الجديدة للتّوزيع والمقاييس المنقّحة:
القرار المؤرّخ في 29 جوان 2021 | القرار المؤرّخ في 22 جوان 2018 كما تمّ تنقيحه بالقرار المؤرّخ في 29 مارس 2019 |
يتمّ توزيع مبالغ الدّعم المالي السّنوي المرصود بميزانيّة الدّولة بين الجماعات المحليّة على النّحو التّالي:
• 86.5 % تخصّص لتمويل نفقات التّصرف. • 13.5 %تخصّص لتمويل نفقات التّنمية والحاجيات الخصوصيّة والطارئة. |
يتمّ توزيع مبالغ الدّعم المالي السّنوي المرصود بميزانيّة الدّولة بين الجماعات المحليّة على النّحو التّالي: • 85 % تخصّص لتمويل نفقات التّصرّف. • 15 % تخصّص لتمويل نفقات التّنمية والحاجيات الخصوصيّة والطّارئة. |
يتمّ توزيع مبلغ الدّعم المالي السّنوي المخصّص لتمويل نفقات التّصرّف المذكورة أعلاه على النّحو التّالي: • 90 % لفائدة البلديات. • 10 % لفائدة المجالس الجهويّة. |
يتمّ توزيع مبلغ الدّعم المالي السّنوي المخصّص لتمويل نفقات التّصرّف المذكورة أعلاه على النّحو التّالي: • 89 % لفائدة البلديات. • 1 % لفائدة المجالس الجهويّة |
يحتسب مبلغ الدّعم المالي السّنوي المخصّص لتمويل نفقات التّصرّف لفائدة البلديات على النّحو التّالي •10 % توزع بالتّساوي بين كافة البلديات. • 38 % توزّع على أساس عدد سكّان كلّ بلديّة. • 31 % توزّع على أساس معدّل المقابيض التي تحصّلت عليها كلّ بلديّة خلال الثّلاث سنوات ما قبل السّنة الأخيرة بعنوان المعلوم على العقارات المبنيّة. • 9 % توزّع على أساس عدد السّكان لفائدة البلديات التي لها معدل للثّلاث سنوات ما قبل السّنة الأخيرة بعنوان تثقيلات المعلوم على العقارات المبنيّة المرسّمة بجدول التّحصيل السّنوي ومن المقابيض بعنوان المعلوم على المؤسّسات ذات الصّبغة الصّناعيّة أو التّجاريّة أو المهنيّة والمعلوم على النّزل ومداخيل الأسواق المستلزمة يقلّ عن المعدّل الوطني للمقابيض بعنوان المعاليم والمداخيل المذكورة للثّلاث سنوات ما قبل السّنة الأخيرة. • 12 % توزّع بمقتضى مقرّر مشترك بين وزير الماليّة ووزير الشّؤون المحليّة والبيئة بين البلديات التي تمرّ بصعوبات ماليّة بعنوان منحة توازن. |
يحتسب مبلغ الدّعم المالي السّنوي المخصّص لتمويل نفقات التّصرّف لفائدة البلديات على النّحو التّالي:
• 10 % توزع بالتّساوي بين كافة البلديات. • 40 % توزّع على أساس عدد سكّان كلّ بلديّة. • 31 % توزّع على أساس معدّل المقابيض التي تحصّلت عليها كلّ بلدية خلال الثّلاث سنوات ما قبل السّنة الأخيرة بعنوان المعلوم على العقارات المبنيّة. • 9 % توزّع على أساس عدد السّكان لفائدة البلديات التي لها معدّل للثّلاث سنوات ما قبل السّنة الأخيرة بعنوان تثقيلات المعلوم على العقارات المبنيّة المرسّمة بجدول التّحصيل السّنوي ومن المقابيض بعنوان المعلوم على المؤسّسات ذات الصّبغة الصّناعيّة أو التّجاريّة أو المهنيّة والمعلوم على النّزل ومداخيل الأسواق المستلزمة يقلّ عن المعدّل الوطني للمقابيض بعنوان المعاليم والمداخيل المذكورة للثّلاث سنوات ما قبل السّنة الأخيرة. • 10 % توزّع بمقتضى مقرّر مشترك بين وزير الماليّة ووزير الشّؤون المحليّة والبيئة بين البلديات التي تمرّ بصعوبات ماليّة بعنوان منحة توازن. |
يتمّ توزيع مبلغ الدّعم المالي المخصّص للمجالس الجهويّة بمقرّر من وزير الشّؤون المحليّة والبيئة على أساس الحاجيات الضّرورية من التّمويل بعنوان نفقات التّصرف لكلّ مجلس جهوي. |
يتمّ توزيع مبلغ الدّعم المالي المخصّص للمجالس الجهويّة بمقرّر مشترك بين وزير الماليّة ووزير الشّؤون المحليّة والبيئة على أساس الحاجيات الضّرورية من التّمويل بعنوان نفقات التّصرّف لكلّ مجلس جهوي. |
يتّم توزيع مبلغ الدّعم المالي السّنوي بعنوان تمويل نفقات التّنمية والحاجيات الخصوصّية والطارئة على النّحو التّالي : • 25 % لبلديّة تونس. • 29 % للبلديات مراكز الولايات. •27 % لصندوق القروض ومساعدة الجماعات المحليّة. • 19 % لمتطلبات سلطة الإشراف المركزيّة في مجال تلبية الحاجيات الخصوصيّة والطّارئة للجماعات المحليّة والمؤسّسات العموميّة الخاضعة لإشرافها، ويمكن تخصيص جزء من هذا الدّعم المالي وإضافته لتمويل نفقات التّصرّف لفائدة البلديات بمقتضى مقرّر مشترك بين وزير الماليّة ووزير الشّؤون المحليّة والبيئة. يمكن التّرخيص لبلدية تونس والبلديات مراكز الولايات في استغلال جانب من مبلغ الدّعم المالي السّنوي بعنوان الاستثمار لتمويل نفقات التّصرّف وذلك بمقتضى مقرّر من وزير الشّؤون المحليّة والبيئة. |
يتمّ توزيع مبلغ الدّعم المالي السّنوي بعنوان تمويل نفقات التّنمية والحاجيات الخصوصيّة والطاّرئة على النّحو التّالي :
• 25 % لبلديّة تونس. • 30 % للبلديات مراكز الولايات. • 29 % لصندوق القروض ومساعدة الجماعات المحليّة. • 16 % لمتطلبات سلطة الإشراف المركزيّة في مجال تلبية الحاجيات الخصوصيّة والطارئة للجماعات المحليّة والمؤسّسات العموميّة الخاضعة لإشرافها، ويمكن تخصيص جزء من هذا الدّعم المالي وإضافته لتمويل نفقات التّصرّف لفائدة البلديات بمقتضى مقرّر مشترك بين وزير الماليّة ووزير الشّؤون المحليّة والبيئة. |
عائشة قرافي
حرم الحصني
مستشارة اختصاص حوكمة ومكافحة الفساد