يمثل صندوق النهوض بالصادرات أول آلية وضعتها الدولة التونسية لدعم مجهودات المُصدرين التونسيين الخواص في البحث عن أسواق خارجية لترويج منتوجاتهم المحلية، وتطوير قدراتهم اللوجستية حتى يستطيعوا رفع تحديات المنافسة الشديدة مع نظرائهم من شتى بقاع العالم. فما هي طبيعة هذا الصندوق؟ وما هي مجالات تدخله؟ وكيف ينتفع بها المصدرون؟
يعتبر الصندوق النهوض بالصادرات الذي يعرف اختصارا، بـ”الفوبرودكس”(FOPRODEX)، أحد صناديق الخاصة للخزينة. يقع تمويله من قبل الاعتمادات التي تخصص له ضمن الميزانية وجزء من مردود المعلوم الموظف على الطماطم المحولة بالإضافة إلى فوائد القروض التي يمنحها. ويخضع لسلطة إشراف الوزارة المكلفة بالتجارة. ويتولى تسييره مركز النهوض بالصادرات.
وبالعودة إلى بدايات التأسيس، أحدث المشرع التونسي صندوق النهوض بالصادرات بمقتضى الفصل 85 من القانون عدد 84 لسنة 1984 المؤرخ في 31 ديسمبر 1984 والمتعلق بقانون المالية لسنة 1985 وضبط طبيعته ووظائفه ومجالات تدخلاته حيث تضمن أنه حساب خاص للخزينة وأَوْكَلَ له مهمة العمل على دعم الصادرات التونسية من خلال إعانة المؤسسات الوطنية على القيام بعمليات البحث عن أسواق جديدة والتعريف بالمنتوجات التونسية بالخارج.
يدير الصندوق الوزير المكلف بالتجارة الذي يمثل آمر الصرف، ويساعده على تسييره لجنة استشارية تتركب من المدير العام لمركز النهوض بالصادرات بصفة رئيس وثمانية (08) ممثلين عن الإدارة وممثل عن البنك المركزي. وتجتمع اللجنة باستدعاء من رئيسها. ولكن لا يمكن أن تعتبر اجتماعاتها ومداولاتها شرعية إلا بحضور نصف أعضاء اللجنة على أقل تقدير. وتبدي اللجنة رأيها في ملفات طلبات الانتفاع بدعم الصندوق المعروضة عليها بعد المداولة القانونية بأغلبية الأصوات، وفي صورة تساوي الأصوات، يُرجح صوت الرئيس.
ويتولى مركز النهوض بالصادرات كتابة اللجنة التي تتولى تسجيل هذه المداولات في محاضر جلسات وتضمنها بدفتر وتوجهه الى كل الأعضاء للاطلاع والمصادقة أو إبداء ملحوظات. ويمكن لرئيس اللجنة أن يستدعي كل شخص يمكن الاستفادة من رأيه في المسائل المدرجة بجدول الأعمال.
تتنوع المساعدات الداعمة للمصدرين، ذواتا طبيعية أو معنوية. حيث يمكن أن تتخذ هذه المساعدات شكل قروض ومنح أو شكل قروض فقط. وفي الصورة التي ينتفع فيها المصدر بقرض ومنحة في نفس الوقت، يكون مبلغ المنحة مساويا على أقصى تقدير لمبلغ القرض.
ولا يمكن أن تتجاوز المساعدة الممنوحة نسبة 80% من الكلفة الجملية للعملية المقترحة وبسقف لا يتجاوز مبلغ 16 ألف دينار، غير أنه يمكن أن يرتفع هذا المقدار إلى مبلغ 25 ألف دينار بالنسبة للعمليات التي تقوم بها شركات التصدير. ويخص الصندوق البلدان الإفريقية الواقعة بجنوب الصحراء بنسب تفاضيلية، كما يتبين ذلك من خلال الجدول المنشور على الموقع الرسمي لمركز النهوض بالصادرات.
ويقدم صندوق النهوض بالصادرات هذه القروض بفائض تُساوي نسبته النسب المطبقة على قروض التصدير قصيرة الأجل. ويقع دفعها مرة واحدة أو على أقساط بناء على رأي اللجنة الاستشارية.
ويمكن للصندوق إسناد منح لا يتعدى مقدارها%50 من الاعتمادات المخصصة سنويا للصندوق. وتسند هذه المنح لتغطية نسبة من تكاليف مختلف مراحل تصدير المنتوج التونسي للأسواق الخارجية. فتسند مثلا منحا لإعانة المُصدر، على نقل منتوجه إلى الأسواق الأجنبية التي سبق وصدر إليها منتوجاته أو لاستكشاف أسواق واعدة جديدة لمنتوجه التونسي. ويمنح الصندوق دعما ماليا للمُصدرين بالمجامع المهنية التي تعمل على النهوض بتصدير المنتوجات التونسية بالخارج. ويمكن إسناد منح تحفيزية لبعض المنتجات نحو الأسواق التي يقع ضبطها دوريا.
وتسدد هذه القروض خلال فترة تمتد على عامين مع تمكين أصحابها من المصدرين من الانتفاع بفترة إعفاء بسنة ابتداء من أول تسلم للمبالغ التي وقع صرفها. ويقع إرجاع أصل الدين في شكل أقساط متساوية خلال أربع فترات ذات 3 أشهر. وتسري الفوائض ابتداء من أول تسلم للمبالغ التي تم صرفها ويقع تسديدها كل 3 أشهر عند حلول أجلها.
وفي الصورة التي لم يقم فيها المُصدر بعمليات التصدير المنتفعة بمساعدة الصندوق، يجب عليه إرجاع المبلغ حالا لمركز النهوض بالصادرات بإيداعها في حساب أمين المال العام.
وتضبط كيفية استخلاص وتسلم المبالغ التي تم صرفها وتسوية المبالغ المذكورة، باتفاقية تبرم بين وزير المالية ومركز النهوض بالصادرات.
تؤكد مصادرنا من مركز النهوض بالصادرات على بساطة إجراءات انتفاع المصدرين بدعم الصندوق وسهولتها وسرعة الإجابة على المطالب المقدمة. وتتلخص بصفة إجمالية، في إيداع الملف القانوني (مطلب الدعم المالي الأول)، ثم إيداع الوثائق المتعلقة بالطلب في كل مرة يعتزم فيها المُصدر الانطلاق في عمل ترويجي يندرج ضمن مجال الأنشطة التي يتدخل فيها الصندوق. وحالما يصدر مقرر وزاري بمنح الدعم، تدعو كتابة الصندوق المُصدر إلى متابعة إجراءات صرف مبالغ الدعم. ويحتفظ مركز النهوض بالصادرات بالحق في طلب مستندات داعمة إضافية إن لزم الأمر.
خلاصة القول، لا أحد يشك في أهمية صندوق النهوض بالصادرات كأداة لدعم المنتجات التونسية إلى حين اكتسابها القدرة على رفع تحديات المنافسة بالأسواق الأجنبية، إلا إن مواصلة عمله بنفس الطرق التي دأب عليها منذ أربعين عاما دون تقييم أو تغيير يضعف فاعليته في ظل تحديات المنافسة القوية في عالم تحكمه قوة المال.