يندرج إعادة بعث صندوق للانتقال الطاقي ضمن تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لقطاع الطاقة الهادفة إلى تحقيق “الأمن الطاقي ودعم “الإنصاف الطاقي” و”حوكمة أنجع” للقطاع عبر المزيد من “الشفافية”…
وتمثل ندرة الطاقة في تونس وارتفاع تكلفتها وتقلب أسعارها في السوق العالمية هاجسا يؤرق السلطات العمومية منذ بداية الألفية الثانية. ولما لم تكن الآلية التي تم بعثها حينذاك ناجعة بما فيه الكفاية، تم استبدالها بالية جديدة تمثلت في “صندوق الانتقال الطاقي” والذي تم إحداثه بمقتضى قانون المالية لسنة 2014، في شكل حساب خاص في الخزينة. ويتمثل دور الصندوق في المساهمة في تمويل العمليات الرامية إلى ترشيد استهلاك الطاقة والنهوض بالطاقات المتجددة واستبدال الطاقة وكل العمليات الرامية إلى التشجيع على الاستثمار في ميدان التحكّم في الطاقة. ويتولى الوزير المكلف بالطاقة الإذن بدفع بمصاريف الصندوق وتكتسي نفقاته صبغة تقديرية.
ولم يدخل الصندوق حيز العمل حيث لم يشرع في مباشرة التدخلات المناطة بعهدته إلا بعد نشر دليل الإجراءات المنصوص عليه بالفصل 25 من الأمر الحكومي عدد 983 لسنة 2017 والذي تم الانتهاء من إعداده في مارس 2020 والمصادقة عليه بمقتضى قرار الوزير المكلف بالطاقة المؤرخ في 30 سبتمبر 2020.
ويقصد المشرع التونسي بعبارة “الانتقال الطاقي”، كل العمليات التي تؤدي إلى تغيير نظم إنتاج واستهلاك الطاقة إلى نموذج طاقي جديد ومستدام يرتكز على تنويع مصادر ومنظومات الإنتاج والاستهلاك والنفاذ إلى الطاقة والاقتصاد في الطاقة.
كما يقصد بـ”المنشأة الطاقية”، الواردة في نص القانون والنصوص الترتيبية، كل وحدة سكنية أو صناعية أو خدماتية أو تجارية أو فلاحية مستقلة بذاتها ومستهلكة للطاقة. ويمكن أن تتكون المؤسسة من منشأة أو عدة منشآت طاقية.
تمنح إعانة الصندوق لفائدة العمليات والمشاريع بناء على رأي فني من الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، وذلك في شكل مساعدات مالية وقروض لتمويل كل من الاستثمارات غير المادية التي تتضمن كلفة عملية التدقيق الطاقي ودراسات الجدوى وعمليات المساندة والمرافقة، والدراسات الخصوصية الترابية المنجزة من قبل الجماعات المحلية في مجال التحكم في الطاقة وغيرها من الاستثمارات غير المادية، وتمويل الاستثمارات المادية التي تتعلق بإنجاز المشاريع النموذجية لتجربة تقنيات أو تكنولوجيات أو خدمات جديدة بغرض التحكم في الطاقة، وتركيز منظومات التحكم في الطاقة، والاستثمارات المنجزة بعنوان التجديد الحراري والطاقي للمباني أو الاستثمارات الإضافية المنجزة بعنوان تشييد وتوسعة مباني ذات نجاعة حرارية وطاقية عالية واقتناء التجهيزات المقتصدة للطاقة والاستثمارات في القطاع السكني بعنوان العزل الحراري لأسطح المساكن الفردية، والاستثمارات المنجزة بعنوان تركيز محطات تشخيص محركات السيارات، والاستثمارات المنجزة بعنوان تركيز تجهيزات لتسخين المياه بالطاقة الشمسية والاستثمارات المنجزة بعنوان تركيز تجهيزات لإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة بغرض الاستهلاك الذاتي بالنسبة للمنشآت المرتبطة بشبكة الجهد المنخفض.
ويقدم الصندوق اعتمادات في شكل قروض ضمن برامج التشجيع على إنجاز مشاريع التحكم في الطاقة للحساب الخاص والمشاريع الهادفة إلى توفير خدمات التحكم في الطاقة لحساب الغير ومشاريع تجميع إنتاج الوسائل وتوزيعها على المؤسسات المستهلكة للطاقة ومشاريع إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة بغرض الاستهلاك الذاتي.
ويمول الصندوق المشاريع والبرامج الوطنية، فيغطي المصاريف المتعلقة بتمويل العمليات الظرفية المنجزة من قبل الدولة والجماعات المحلية بهدف التقليص من دعم الدولة المخصص للمواد الطاقية. وتعتبر عمليات ظرفية كل المشاريع والبرامج المحددة مسبقا من حيث قيمة الاستثمارات ومدة الإنجاز.
يمول نظام التحكم في الطاقة عن طريق :
1) الموارد المتأتية من التدخلات التي يقوم بها الصندوق،
2) معلوم يوظف عند أوّل تسجيل للسيارات السياحية بسلسلة تونسية تضبط تعريفته طبقا لجول مفصل بالأمر الحكومي
3) معلوم يوظف على أجهزة تكييف الهواء عند التوريد أو الإنتاج المحلي.
4) معلوم يوظف على المصابيح والأنابيب عند التوريد أو الإنتاج المحلي باستثناء التصدير والمصابيح والأنابيب المقتصدة للطــاقة أو المعدة للعربات السيارة أو الدرّاجات النارية وكذلك المصابيح والأنابيب التي لا يفوق جهد توترها 100 فولت 5) معلوم يوظف على المنتجات الطاقية المستهلكة.
حسب احصائيات رسمية، بلغت موارد صندوق الانتقال الطاقي المحققة الى حدود خلال سنة 2023 ما قدره 170,93 مليون دينار دون أن تتجاوز نفقاته الـ 12,93 مليون دينار.
وتشير الأرقام الوارد بميزانية الدولة لسنة 2022 أن الموارد والنفقات بالنسبة لسنة 2022 تقدر بـ 40 مليون دينار (ص.35). وهي نفس الأرقام التي كانت وردت بميزانية الدولة لسنة 2021 (ص.158)، وهي ذات التقديرات الواردة في ميزانية الدولة لسنة 2020 وفي ميزانية الدولة لسنة 2019 (ص.122). وقد ذكرت ميزانية الدولية لسنة 2018، أن الموارد والنفقات قدرت للسنة المالية المذكورة (أي 2018) بـ 30 مليون دينار في حين بلغت انجازات الصندوق سنة 2017 ما قدره 20,502 مليون دينار.
في شهدت موارد صندوق الانتقال الطاقي في صيغته الجديدة تطورا من سنة إلى أخرى رغم حداثة دخوله حيز النشاط الفعلي، تناغما مع حيوية قطاع الطاقة بالبلاد التونسية. غير أن نفقاته تراجعت بالاعتماد على ما سجله خلال سنة 2023. شأن الصندوق كغيره من صناديق الخزينة التي تتطلب الحرص على المزيد من حوكمة تسييره ورسم برامجه، كما أن غياب نشريات قارة حول نشاطه يبين حاجته لمزيد من الشفافية خاصة من خلال نشر المعطيات المتعلقة توزيع الاعتمادات واعتماد ضمن رؤية تشاركية تستنير بآراء الخبراء والمهنيين وممثلي الاطراف المستفيدة بخدمات الصندوق بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال البيئة والطاقة.