صنـدوق تنمية المواصلات وتكنولوجيات المعلومات والاتصال: متى يصبح في حجم تحديات التحول الرقمي في تونس؟

صنـدوق تنمية المواصلات وتكنولوجيات المعلومات والاتصال: 
متى يصبح في حجم تحديات التحول الرقمي في تونس؟

يكتسي صنـدوق تنمية المواصلات وتكنولوجيات المعلومات والاتصال أهمية بالغة في تحقيق الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي 2025. ويؤمل أن يلعب دورا محوريا في تحقيق أهم محاورها، كتطوير البنية التحتية لشبكة الاتصال وتدعيم القدرة على إيواء المنظومات الوطنية ورقمنة الإدارة وتبسيط الإجراءات واستغلال وحوكمة البيانات الضخمة وتفعيل استراتيجية الذكاء الاصطناعي وتعزيز الأمن السيبرني الوطني وتأهيل الكفاءات وتطوير القدرات والمهارات في المجالات الرقمية وتطوير مناخ ريادة الأعمال والتشجيع على الابتكار والتجديد في المجال التكنولوجي وتشجيع التعاون الدولي في خدمة الرقمنة…

أحدث المشرع التونسي صنـدوق تنمية المواصلات بمقتضى الفصل 19 من القانون عدد 111 لسنة 1998 وهو حساب خاص في الخزينة. وتم تغيير تسميته ليصبح “صندوق تنمية المواصلات وتكنولوجيات المعلومات والاتصال” بمقتضى الفصل 15 من القانون عدد 101 لسنة 2002 المؤرخ في 17 ديسمبر 2002 المتعلق بقانون المالية لسنة 2003.

يتولى الوزير المكلف بتكنولوجيات الاتصال رئاسة اللجنة المكلفة بتسيير الصندوق ومهمة الإذن بصرف نفقاته التي تكتسي صبغة تقديرية.

ويتولى الصندوق بصفة عامة،  التدخل لتمويل المشاريع المبتكرة في مجال الاتصالات وتكنولوجيات المعلومات في  القطاعين العمومي والخاص.  ففي القطاع العمومي، يقوم بتمويل نفقات التصرف للهياكل العمومية المتدخلة في القطاع، وأنشطتها المرتبطة بتنمية ميدان المواصلات وتكنولوجيات المعلومات. أما في القطاع الخاص، فيتدخل الصندوق بعنوان مساهمة الدولة لفائدة مشاريع وبرامج القطاع الخاص، كتمويل نظام التشجيع على الابتكار والتجديد في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال، وتمويل البرامج العمومية سواء لدعم وتطوير استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال من قبل المؤسسات الصغرى أو الحرفيين وكذلك التكوين الإشهادي لفائدة خريجي التعليم العالي. كما يتدخل لتمويل البرامج العمومية لتشجيع انتصاب المؤسسات الناشطة في مجال نقل الخدمات خارج بلد المنشأ.  ويساهم الصندوق أيضا في تمويل التظاهرات المنظمة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال من قبل الجمعيات الناشطة في القطاع…

موارد الصندوق

يتم تمويل صندوق تنمية المواصلات وتكنولوجيات المعلومات والاتصال بـــ :

–  مردود إتاوة بنسبة 5 بالمائة من رقم معاملات مؤسسات الاتصالات السلكية واللاسلكية التي لها صفة مشغل شبكة اتصالات.

– معلوم مستوجب على ﺷﺒﻜﺎﺕ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺒﺮﺍﻣﺞ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻜﺎﺑﻞ ﻭﺍﻟﺘﺠﻬﻴﺰﺍﺕ ﺍﻟﻤﻜﻮﻧﺔ ﻟﺮﺃﺱ ﺍﻟﺸﺒﻜﺔ.

– معلوم بـ 120 دينار مستوجب على ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻤﻮﺍﻓﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ يـﻗﺪﻣﻬﺎ ﺍﻟﺼﺎﻧﻌﻮﻥ ﻭﺍﻟﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﻬﺰﻭﻥ.

– ﻣﻌﻠﻮﻡ بـ 100 دينار مقابل ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﻞ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺪﺍﺕ.

– مبالغ فواضل ميزانية الهيئة الوطنية للاتصالات المنصوص عليها بالفصل 41 مكرر من مجلة الاتصالات.

 – مبالغ فواضل ميزانية الوكالة الوطنية للترددات والتي يتم تحويلها إلى الصندوق طبقا لمقتضيات الفصل 20 من قانون المالية لسنة 1999.

– مبالغ متأتية من التفويت في المساهمات في رأس مال الشركات المنتفعة بنظام التشجيع على الابتكار في مجال تكنولوجيا المعلومات،

– الموارد الأخرى التي يمكن رصدها لفائدة الصندوق طبقا للتشريع الجاري به العمل.

نفقات الصندوق

تبلغ النفقات المحمولة على صندوق تنمية المواصلات وتكنولوجيات المعلومات والاتصال لسنة 2024، ما قدره 97 مليون دينار مقابل 90,0 مليون دينار سنة 2023 أي بزيادة قدرها 7,0مليون دينار تمثل نسبة تطور بـ 7,8 .% وقد ورد في ميزانية وزارة تكنولوجيات الاتصال لسنة 2024 (ص23) أن  هذه النفقات تنقسم إلى  منح بعنوان التوازن المالي لمؤسسات القطاع بمبلغ 67,0 مليون دينار وإلى استثمارات لإنجاز مشاريع القطاع بقيمة 30,0 مليون دينار.

ففي خصوص، المنح بعنوان التوازن المالي لمؤسسات القطاع، تتوزع إلى منحة لفائدة الديوان الوطني للإرسال الإذاعي والتلفزي بمبلغ 54,040 مليون دينار، ومنحة لفائدة الوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية، تقدر بـ7,21مليون دينار، ومنحة لفائدة الوكالة الفنية للاتصالات بمبلغ 7,412مليون دينار. كما تشمل منحة لفائدة الادارة العامة للاقتصاد الرقمي والاستثمار والإحصاء، تسند بعنوان توازن مالي لفائدة تونس للأقطاب التكنولوجية الذكية بقيمة 5,627 مليون دينار. ومنحة للإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات لفائدة المركز الوطني للإعلامية بقيمة 1,705مليون دينار.

ويوضح الرسم البياني التالي مجموع المبالغ المقدرة لتدخلات صندوق تنمية المواصلات بالنسبة 2024:

 وقمنا بتتبع نفقات تدخلات الصندوق على مدى العشر سنوات الأخيرة الممتدة من 2014 إلى2024، فتبين أن حجم تدخلات الصندوق كانت منذ نشأته وإلى حدود 2014، متواضعة، ثم اتجهت في خط متصاعد إلى حدود 2016 حيث بلغ حجم النفقات ذروته في حدود 100 مليون دينار. ولكن شهد تراجعا خلال السنوات الثلاثة اللاحقة، ليتخذ من جديد، خطا تصاعديا سنة2018 ليستقر في حدود 97 مليون دينار على مدى السنوات الأخيرة، مثلما يتضح ذلك في الرسم التالي:

ويستخلص من كل هذا أن حجم موارد الصندوق وتدخلاته تظل ضعيفة للغاية أمام حجم الطموحات التي رسمتها السياسات العمومية في قطاع الاتصالات وتكنولوجيات المعلومات. ويبدو أن مساهمته في تحقيق الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي 2021-2025، لا تزال هامشية. لذلك، يتأكد أن انخراط تونس في تحقيق سياساتها تلك، يقتضي تطوير هذا صنـدوق تطويرا جذريا باتجاه دعم موارده وتوسيع مجالات تدخله وحوكمة طرق تسييره والتصرف في ميزانيته، ليساهم في الثورة الاتصالية والتحولات الرقمية المنتظرة في بلادنا.