من المفترض أن يتطور خلال هذه السنوات، دور صندوق تنمية القدرة التنافسية في قطاعات الصناعة والخدمات والصناعات التقليدية في دعم النسيج الصناعي والخدماتي والحرفي الوطني حتى يتمكن الاقتصاد التونسي من مواجهة التحديات الخطيرة الناجمة عن عدم استقرار الأوضاع الاقتصادية على الصعيد العالمي وانعكاسها المتواصل على المؤسسات التونسية. ودعم انخراط البلاد التونسية في نظام الأسوق الدولية للبضائع والخدمات. وبقدر دقة التحديات التنموية التي تواجه القطاعات المعنية بتدخلات هذا الصندوق أيضا، بقدر أهمية الرهانات التي ينبغي أن يعمل على تحقيقها.
صندوق تنمية القدرة التنافسية في قطاعات الصناعة والخدمات والصناعات التقليدية، هو حساب خاص بالخزينة، نشأ بمقتضى الفصل 37 من قانون المالية عدد 127 لسنة 94 المؤرخ في 31 ديسمبر 1994 المتعلق بقانون المالية لسنة 1995. ولما بانت محدودية مجال تدخله في وقت انطلق فيه الاقتصاد التونسي في تطوير منتجاته، تدخل المشرع التونسي مرة أخرى بمقتضى الفصل 16من القانون عدد 58 لسنة 2010 المتعلق بقانون المالية لسنة 2011 لتوسيع نطاق تدخله ليشمل قطاعات الصناعة والخدمات والصناعات التقليدية. وكلف وزير الصناعة بمهمة الأمر بصرف نفقات الصندوق. وعلى هذا الأساس، تدعمت مهام الصندوق كما تدعمت موارده ونفقاته في نفس الوقت.
استنادا إلى النصوص المنظمة لنشاطه، يتولى الصندوق منح مساهمات تتخذ أشكالا متنوعة، نوجزها في ما يلي:
أولا، مساعدات مالية لإنجاز استثمارات في إطار مخطط تأهيل المؤسسات التي هي في حالة نشاط أو في نطاق عمليات محددة ذات أولوية تهدف إلى الرفع من القدرة التنافسية للمؤسسات الصناعية مثل الاستثمارات المادية التي تهدف إلى التعصير الفني والتكنولوجي لأساليب الإنتاج وإعادة تكييف الأنشطة وملاءمتها مع متطلبات السوق. وتشمل كذلك الاستثمارات غير المادية المنجزة بصفة فردية أو جماعية وخاصة تمويل دراسات التشخيص ومخططات التأهيل وكل استثمار غير مادي ذي أولوية يساهم في رفع القدرة التنافسية للمؤسسات الصناعية. وتتولى البنوك والمراكز الفنية المكلفة بمهمة متابعة انجاز استثمارات المؤسسات المنتفعة بتدخلات الصندوق طبقا لاتفاقية يبرمها وزير المالية والبنوك المعنية.
ثانيا، مساعدات مالية لإنجاز دراسات تشخيص في إطار إعادة هيكلة المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية .
ثالثا، منح مالية سنوية لتسيير وتجهيز وتمويل أنشطة المراكز الفنية،
رابعا، مساعدات مالية سنوية تخصص لتمويل برامج تطوير الجودة والتأهيل وكل العمليات الأخرى الهادفة الى الرفع من القدرة التنافسية الصناعية والتي تقوم بها مؤسسات وهياكل المساندة،
خامسا، تمويل الدراسات القطاعية الاستراتيجية وكل الدراسات الأخرى الهادفة الى الرفع من القدرة التنافسية للمؤسسات وإلى تطوير الصناعة بصفة عامة،
سادسا، خلاص عمولات البنوك المكلفة بمتابعة انجاز استثمارات المؤسسات المنتفعة.
يمول الصندوق بموارد جبائية متنوعة متأتية بصفة خاصة من معلوم يوظف على المصبرات الغذائية بنسبة %1 يستخلص على الواردات، ومن معلوم مهني موظف علــــــى منتوجــــات أخرى بنسبة %1 يحتسب على قاعدة رقم المعاملات خالي من الأداء على القيمة المضافة الذي يحققه الصناعيون مع إعفاء المنتوجات المصدرة من المعلوم. ويمول أيضا من مردود المعلوم على الطماطم المعدة للتحويل بنسبة 15% وبقيمة 5 مليمات عن كل كلغ من الطماطم المباعة لوحدات التحويل و28 مليم عن كل كلغ من معجون الطماطم.
وحسب إحصائيات رسمية، بلغت الموارد المحققة للصندوق خلال السنة المالية 2022 قيمة قدرها 784,189 مليون دينار في حين بلغت الاعتمادات الموزعة 59,039 مليون دينار، وبلغت الدفوعات التي تم الإذن بصرفها أيضا 58,666 مليون دينار. وارتفعت الموارد المحققة خلال سنة 2023 إلى 969,560 مليون دينار في حين تراجعت قيمة الاعتمادات الموزعة إلى 57,125 مليون دينار وتراجعت كذلك الدفوعات إلى 55,581 مليون دينار.
وقد ورد بوثائق ميزانية الدولة لسنة 2021 أن الاعتمادات المحققة لدعم القدرة التنافسية في الصناعة بلغت 74,870 مليون دينار، فشملت دعم القدرة التنافسية على المستوى المركزي بقيمة 51,014 مليون دينار ودعم المراكز الفنية بقيمة 21,964مليون دينار ودعم صناعة المصبرات الغذائية بـ1,892 مليون دينار. ولم تقع الإشارة إلى حجم الدفوعات المأذون في صرفها.
وقدرت ميزانية الدولة للسنة المالية 2020 أن موارد صندوق تنمية القدرة التنافسية في قطاعات الصناعات والخدمات والصناعات التقليدية بلغت 73مليون دينار وبلغت نفقاته 73 مليون دينار أيضا.
في المجمل، تشير الإحصائيات إلى شيء من الاستقرار في موارد صندوق تنمية القدرة التنافسية في قطاعات الصناعة والخدمات والصناعات التقليدية ونفقاته خلال السنوات الأخيرة. ولكن يتأكد أن واقع نسيج المؤسسات الصناعية والخدماتية والحرفية التونسية لا يتطلب توسيعا لنطاق تدخل الصندوق بقدر ما يتطلب حوكمة لموارده ونفقاته تحقيقا لنجاعته في رفع تحديات المنافسة في قطاعات الصناعة والخدمات والصناعات التقليدية.